الإقتصاد الأخضر في العالم العربي الأمل الغائب
- 2 December , 2011 -
- دراسات وبحوث بيئية
الإقتصاد الأخضر في العالم العربي الأمل الغائب
الدكتور مجد جرعتلي
مقدمة :
جاء مصطلح ” الإقتصاد الأخضر ” من الربط بين الإقتصاد والبيئة ويُعرف الإقتصاد الاخضراء بشكل عام بأنه نموذج جديد من نماذج التنمية الأقتصادية السريعة النمو، والذي يقوم أساسه على المعرفة للاقتصاديات البيئية والتي تهدف الى معالجة العلاقة المتبادلة ما بين الإقتصاديات الإنسانية و النظام البيئي الطبيعي، والأثر العكسي للنشاطات الإنسانية على التغير المناخي، والإحتباس الحراري، وهو يناقض نموذج ما يعرف بالإقتصاد الأسود والذي أساسه يقوم على إستخدام الوقود الأحفوري مثل الفحم الحجري والبترول والغاز الطبيعي.
ويتبنى الإقتصاد الأخضر الطاقة الخضراء التي يتم توليدها بواسطة الطاقة المتجددة، والمحافظة على مصادر الطاقة واستخداماتها كمصادر طاقة فعالة، وفي خلق ما يعرف بفرص العمل الخضراء، والإنتاج الأخضر ” الذي يشمل الزراعة العضوية وتشجيع المنتجات العضوية والمتاجر الخضراء بالإضافة إلى ضمانة النمو الأقتصادي المستدام والحقيقي، ومنع التلوث البيئي، والأحتباس الحراري، واستنزاف الموارد الطبيعية والتدهور البيئي.
الإقتصاد الأخضر في العالم العربي
كان التقرير السنوي الرابع الذي أصدره ” المنتدى العربي للبيئة والتنمية ” بمناسبة انعقاد مؤتمره السنوي في العاصمة اللبنانية بيروت من ( 27-28 ) أكتوبر- تشرين الأول من هذا العام 2011 م هو أخر نشاط يتحدث عن “الإقتصاد الأخضر في الدول العربية ” , ولقد نشرت مجلة ” البيئة والتنمية ” اللبنانية في عددها الأخير ملخصا موجزا عن هذا المؤتمر وحمل عنوان ” الإقتصاد الأخضر في عالم عربي متغير ” والذي طرحت من خلاله مجموعة من التساؤلات والتحديات التي تواجه الوضع الراهن للإقتصاد الأخضر في الدول العربية والتي حقق بها ” المنتدى ” وفي مقالتي هذه ألقي الضوء على أملنا الغائب الإقتصاد العربي الأخضر مع بعض فعاليات المؤتمر؟؟؟
لقد ذكر التقرير السنوي الرابع الذي أصدره ” المنتدى العربي للبيئة والتنمية ” أفد ” أن مساهمة البلدان العربية في منظومة الإقتصاد الأخضر لاتصل حتى إلى واحدا بالمائة ” ؟ وبالرغم من أن البلدان العربية قد انتهجت أحيانا نماذج جريئة للنمو الاقتصادي فإن سياساتها العامة فشلت في تطعيم أبعاد الاقتصاد الأخضر الثلاثة :
1. الإعتبارات الإقتصادية.
2. العدالة الإجتماعية .
3. الحفاظ على الموارد الطبيعية بهدف إستغلالها إستغلالا مستداما.
ولقد صدر التقرير بعنوان “الاقتصاد الأخضر في عالم متغير ” وركز واضعوه بشكل خاص على المشاكل المتصلة بعدد من القطاعات وسبل تطويقها أو تسويتها في نهاية المطاف. وهي المشاكل المتصلة بعدة مواضيع هامة وهي : “ الزراعة والمياه والصناعة والنقل والمواصلات والمدن والمباني وإدارة النفايات والسياحة “.
ويتضح من خلال التقرير عن أداء البلدان العربية المتصل بأبعاد الإقتصاد الأخضر الثلاثة أن هناك قصورا كبيرا فيه لأسباب كثيرة نذكرمنها مايلي:
• عدم التخطيط المحكم في مجال السياسيات التنموية .
• الفقرلايزال يطال قرابة سبعين مليون نسمة في العالم العربي .
• تفشي ظاهرة البطالة لدى شرائح كثيرة وفي مقدمتها شريحة الشباب .
• إفتقار أكثر من خمسة وأربعين مليون عربي إلى الخدمات الصحية الدنيا وإلى المياه النظيفة.
• إرتفاع كلفة التدهور البيئي في البلدان العربية والتي تبلغ سنويا خمسة وتسعين مليار دولار أي ما يعادل خمسة بالمائة من مجموع ناتجها المحلي الإجمالي لعام 2010 م.
• الإستمرار في هدر منسوب المياه العذبة القليلة ” بالرغم من أن العالم العربي يشكو اليوم من ندرة المياه “.
• يحتل العالم العربي المراتب الأخيرة في كفاءة إستخدام المياه العذبة ومصادر الطاقة والإستثمار في منظمة الإقتصاد الأخضر وتقنياته وإدارته .
وقد أصدر المشاركون في أعقاب فعاليات ” مؤتمر الاقتصاد الأخضر في البلدان العربية ” العديد من التوصيات الموجهة إلى كل من ” أصحاب القرارات السياسية والإقتصادية ومؤسسات البحث العلمي العامة والخاصة ” لحثهم على إعادة النظر في منهجيات التعامل مع منظمة الإقتصاد الأخضر .
وفيما يلي نذكر أهم تلك التوصيات:
• الدعوة لإرساء إستراتيجيات وطنية وإقليمية في مجال كفاءة إستخدام الطاقة وإدارة الطلب عليها وبخاصة في ما يتعلق بمصادر الطاقات المتجددة.
• العمل على توظيف إستثمارات مستمرة في مجال ترشيد إستخدام المياه في كل المجالات وفي النقل العام في المدن وفي خطوط السكك الحديدية لنقل المسافرين والبضائع.
• دعوة القطاعين العام والخاص للتعاون وجعل مثل هذه الاستثمارات وسيلة ناجحة للحفاظ على الموارد الطبيعية وخلق مواطن عمل.
• التشديد على ضرورة تخصيص جزء هام من الإستثمارات في مجالات التأهيل وإعادة التأهيل والابتكار والبحث العلمي بإعتبار أن مستقبل الاقتصاد الأخضر لن يكون واعدا خارج الاعتماد على المعلومة الجيدة والمعرفة المتطورة باستمرار لاسيما في وقت أصبح فيه العالم العربي في مقدمة مناطق العالم المعرضة لمخاطر التقلبات المناخية القصوى والتي كانت موضوع تقرير عام 2009 م
متطلبات التحول إلى الإقتصاد الأخضر في العالم العربي :
• مراجعة السياسات الحكومية وإعادة تصميمها لتحفيز التحولات في أنماط الإنتاج والإستهلاك والشراء والإستثمار.
• الإهتمام بالتنمية الريفية بهدف تخفيف الفقر في الأرياف.
• الإهتمام في قطاع المياه وحوكمتها وضبط إستخداما وترشيدها ومنع تلوثها.
• العمل على الإستثمارات المستدامة في مجال الطاقة وإجراءات كفاءة الطاقة.
• وضع إستراتجيات منخفضة الكربون للتنمية الصناعية وإعتماد تكنولوجيات الإنتاج الأكثر كفاءة في المصانع الجديدة .
• دعم قطاع النقل الجماعي .
• تبني أنظمة تصنيف الأراضي والتنمية المختلطة الإستعمالات وإعتماد المعايير البيئية في البناء.
• التصدي لمسألة النفايات البلدية الصلبة وإستثمارها بما هو مفيد وصديق للبيئة .
إن الإنتقال إلى التنمية الخضراء ليس حدثا فوريا يمكن بقرار واحد يتخذ على مستوى عال . بل يجب إعتباره عملية طويلة وشاقة , توجهها نظرة سياسية من الأعلى إلى القاعدة ومشاركة جماهيرية من القاعدة إلى فوق . هذه المقاربة تعطي التحول الشرعية السياسية والإجتماعية المطلوبة لضمان حشد الجهود على نطاق واسع لجعل هذا التحول حقيقة.