متى تعود الزراعة إلى الطبيعة ؟
- 27 December , 2011 -
- دراسات وبحوث بيئية, دراسات وبحوث زراعية
متى تعود الزراعة إلى الطبيعة ؟
الدكتور مجد جرعتلي
” أن ما يقدمة الإنسان للتربة يأخذه منها في غذائه ومائه “
أكدت ” منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ” بضرورة أن تعود الزراعة إلى جذورها من خلال إعادة إكتشاف أهمية التربة الزراعية الصحية وحمايتها من كافة أنواع التلوث والإستفادة من المصادر الطبيعية لتغذية النباتات وإنتاج المحاصيل الزراعية , وإستخدام الأسمدة المعدنية الكيميائية استخداماً حكيماً .
ولكن هل يتحقق هذا الحلم مع ألاف الملوثات من أسمدة ومبيدات كيميائية التي أغرقت وسممت التربة الزراعية ولوثت المحاصيل ؟ وهل تعود الزراعة إلى جذورها إلى ” التربة الصحية ” لتعطي محاصيل صحية ومفيدة لصحة الإنسان وغير ملوثة للبيئة ؟
التربة الصحية والإنتاج الزراعي الصحي ؟
التربة هي جزءاً لا يتجزأ من المنظومة البيئية تشغل الجزء السطحي من القشرة الأرضية وهي أول الموارد الطبيعية المتجددة وركيزة الوجود البشري وقاعدة الإنتاج الزراعي فهي الأساس للحياة في الإنتاج الغذائي للإنسان والحيوان وكافة الكائنات الحية على اليابسة فبدون التربة لا يمكن إنتاج أي غذاء أو كساء ولا يمكن للحياة أن تستمر وكل ما يقدمه الإنسان للتربة ضارا كان أو نافعا سيأخذه منها في طعامه وشرابه .
تعريف صحة التربة :
”هي قدرة التربة على أن تعمل كنظام حي. فالتربة الصحية تحتفظ بمجموعة متنوعة من متعضيات التربة التي تساعد على مكافحة أمراض النباتات، والآفات الحشرية والأعشاب الضارة، وتشكل اتحادات تكافلية مفيدة مع جذور النباتات، وتعيد تدوير المغذيات النباتية الأساسية، وتحسِّن بنية التربة بما يحقق نتائج إيجابية بالنسبة لقدرة التربة على حفظ المياه والمغذيات فيها، وتحسن في نهاية الأمر الزيادة في المحصول“.
ويمكن أن يضاف إلى ذلك التعريف من منظور النظام البيئي :
التربة الصحية هي التربة التي لا تلوِّث بيئتها؛ بل تساهم، بالأحرى، في التخفيف من آثار تغير المناخ بالحفاظ على محتواها من المادة العضوية أو بزيادته.
إدارة إستخدام الأسمدة المعدنية الكيميائية و أثرها المتبقي:
كما ذكرنا إن التربة هي الأساس للحياة فهي الأساس في الإنتاج الغذائي للإنسان والحيوان وكافة الكائنات الحية على اليابسة فبدون التربة لا يمكن إنتاج أي غذاء ولا يمكن إطعام الثروة الحيوانية. وبما أن التربة، محدودة فهي مورد ثمين يتطلب عناية خاصة من مستخدميها. ولكن وبحسب الدراسة التي قامت بها ” منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ” فإن الكثير من النظم الحالية لإدارة التربة والمحاصيل غير قابلة للإستدامة أو للمحافظة على هذه الثروة . فمن جانب، أدى الإفراط في استخدام الأسمدة الكيميائية إلى ترسُّب النتروجين في العديد من دول العالم مما يهدد إستدامة نسبة من الطبيعة تقدّر بما يبلغ ٧٠ في المائة. وعلى الجانب الآخر، في معظم أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يؤدي قلة استخدام الأسمدة إلى عدم التعويض عن مغذيات التربة التي تخرج منها مع المحاصيل، مما يؤدي إلى تدهور التربة وانخفاض إنتاجية الأرض من المحاصيل عاما بعد عام . وهذه الحالة الراهنة التي وصلت إليها التربة لم يأت من محض الصدفة بل كان الهدف منه بالأساس هو تأمين المزيد من الطعام لسكان العالم والذي تزايد بمقدار أربعة أمثال خلال السنوات المائة المنصرمة،هذا الهدف كان القوة المحركة الرئيسية الذي شجع دون وعي عن التغيير الجوهري في إدارة التربة والمحاصيل من خلال تصنيع الأسمدة المعدنية الكيميائية ، ولا سيما أسمدة ( اليوريا ,النتروجين ) لأن توافر النتروجين هو أهم عامل يحدد الإنتاج في ما يتعلق بجميع المحاصيل الرئيسية.
مع العلم بأن ما قبل إكتشاف الأسمدة النتروجينية المعدنية، إستغرق بناء مخزونات النتروجين الطبيعي في التربة قروناً .وعلى النقيض من ذلك، كانت الزيادة الهائلة التي تحققت في إنتاج الأغذية في آسيا أثناء الثورة الخضراء ترجع بدرجة كبيرة إلى الاستخدام المكثف للتسميد المعدني، إلى جانب التحسين الوراثي للأنواع المزروعة وتحسين أساليب الري. ولقد ازداد الإنتاج العالمي لأسمدة الأملاح المعدنية بنحو ٣٥٠ في المائة، أي من ٣٣ مليون طن الى ١٤٦ مليون طن، بين ١٩٦١ و٢٠٠٢. وكانت الأسمدة المعدنية مسؤولة عن نسبة تقدّر بما يبلغ ٤٠ في المائة من الزيادة في إنتاج الأغذية التي سُجلت على مدى السنوات الأربعين الأخيرة.
ولكن وللأسف فقد انطوت أيضاً مساهمة الأسمدة الكيميائية في إنتاج الأغذية على تكاليف كبيرة بالنسبة لصحة الإنسان والبيئة. فحالياً توجد في قارتي آسيا ( ومنها الدول العربية ) وأوروبا أعلى معدلات لاستخدام الأسمدة المعدنية في العالم مقابل كل هكتار. وتواجه هاتين القارتين أيضاً أكبر مشاكل التلوث البيئي الناجمة عن الاستخدام المفرط للأسمدة الكيميائية ومن بين العديد من هذه المشاكل نذكر مايلي :
• تلوث الغذاء
• تحمُّض التربة والمياه.
• تلوث موارد المياه السطحية والجوفية.
• تزايد انبعاثات غازات الإحتباس الحراري الفعالة.
• ضياع وترسب غالبية الأسمدة الكيميائية.
• إنخفاض مستوى كفاءة إمتصاص الأسمدة الكيميائية وخاصة النتروجين
وعلى سبيل المثال إن نسبة كفاءة إمتصاص النتروجين في الصين ما يتراوح من نحو ٢٦ في المائة إلى ٢٨ في المائة في حالة الأرز والقمح والذرة ويقل عن ٢٠ في المائة في حالة محاصيل الخضر أما الباقي فهو يكون ببساطة من نصيب البيئة.
إن إدارة إستخدام الأسمدة المعدنية الكيميائية و أثرها المتبقي والضار على الإنسان والبيئة هو مسألة تتعلق بالإدارة الجيدة لعمليات التسميد وذلك في حساب الكمية التي تُستخدم من تلك الأسمدة مقارنةً بالكمية التي تخرج مع المحاصيل و طريقة وتوقيت الإستخدامات. وبعبارة أخرى، فإن كفاءة استخدام الأسمدة، لا سيما النتروجين والفوسفور، هي التي تحدد ما إذا كان هذا الجانب من إدارة التربة نعمة للمحاصيل، أو نقمة للبيئة. ولذا فإن التحدي يتمثل في نبذ الممارسات الحالية غير القابلة للاستدامة والتحرك صوب رعاية الأراضي التي يمكن أن توفر أساساً متيناً للتكثيف المستدام للإنتاج المحصولي. وثمة حاجة في كثير من البلدان إلى تغيرات بعيدة المدى في ما يتعلق بإدارة التربة. وتستند النُهج الجديدة المنادى بها مثل منظمة الأغذية والزراعة ومؤسسات أخرى كثيرة ، وتركز على إدارة صحة التربة. وتختلف مصادر تلوث التربة إلى أشكال وأنواع عديدة ولكن يمكن تقسيمها إلى تلوث مباشر يمكن قياسه ومعرفة كمياته ومصادره ومن الممكن حصره , وتلوث غير مباشر من الصعب قياس كمية الملوثات الناتجة عنه وذلك بسبب إنتشارها على مساحات كبيرة من التربة ومن الصعب حصرها . وبشكل عام فإن أغلب أنواع التلوث التي تصيب التربة تكون متداخلة ومختلفة الخطورة ومن الصعب تتبع عواقبها وأضرارها المباشرة أو غير مباشرة على الكائنات الحية بما فيها الإنسان والبيئة معا وعلى سبيل الذكر فإن مخلفات ” معامل الدباغة ” التي تلوث التربة من مخلفاتها السائلة والمليئة بالعنصر الضار والسام ” الزرنيخ ” يمكن أن لاتظهر على التربة بشكل يلاحظه الإنسان بعينه المجردة مقارنة بالتلوث بالنفط مثلا ولكن سوف تظهر أثار هذا التلوث بالعنصر المعدني السام في الخضار أو الفواكه التي سيتناولها الإنسان في غذاؤه والتي تنمو قريبة من هذه الدباغات وهذا المثال ينطبق أيضا على التلوث بالمبيدات الحشرية السامة والأسمدة المعدنية الكيميائية . وبشكل عام يمكن تعريف تلوث التربة بأنه الضرر الذى يصيب التربة فيغير من صفاتها وخواصها الطبيعية أو الكيميائية أو الفيزيائية أو الحيوية بشكل يجعلها تؤثر سلباً بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الإنسان والحيوان والنبات وكافة أشكال الحياة.
إدارة صحة التربة:
تحتوي التربة على أحد أكثر تجمعات كوكب الأرض تنوعاً من الكائنات الحية، التي يوجد بينها رباط وثيق عن طريق شبكة غذائية معقدة. ويمكن أن تكون التربة إما مريضة أو صحية، تبعاً لكيفية إدارتها وهنالك صفات جوهرية للتربة الصحية تتلخص في عدة نقاط ولكن أهم تلك النقاط هي :
• التنوع الثري للتربة في نباتاتها وحيواناتها.
• إرتفاع محتوى الكائنات الحية في التربة .
• إرتفاع محتوى المادة العضوية غير الحية في التربة.
فإذا زادت المادة العضوية أو تم المحافظة عليها عند مستوى مرضٍ من أجل نمو محاصيل منتجة، يمكن أن يكون من المعقول افتراض أن التربة صحية. والتربة الصحية قادرة على تحمُّل تفشي الآفات التي تحملها التربة.
ويزيد تنوع نباتات وحيوانات التربة في المناطق الاستوائية مقارنةً بالتربة الموجودة في المناطق المعتدلة المناخ. وبالنظر إلى أن معدل التكثيف الزراعي في المستقبل سيكون أكبر عموماً في المناطق الاستوائية، فإن النظم الإيكولوجية الزراعية الموجودة هناك معرضة لخطر تدهور التربة بوجه خاص. وأي خسائر في التنوع البيولوجي، وفي أداء النظم الإيكولوجية لعملها في نهاية الأمر، سيؤثر على المزارعين في المناطق الاستوائية أكثر مما سيؤثر على المزارعين في الأقاليم الأخرى، وذلك لأنهم يعتمدون إلى حد أكبر على هذه العمليات وخدماتها.
والتفاعلات الوظيفية بين نباتات وحيوانات التربة والمكونات العضوية وغير العضوية والهواء والماء تحدد قدرة التربة على تخزين وإطلاق المغذيات والماء للنباتات، وعلى تعزيز وإدامة نمو النباتات. ووجود احتياطيات كبيرة من المغذيات المخزونة ليس، في حد ذاته، ضماناً لاتسام التربة بدرجة خصوبة عالية أو ضماناً لإنتاج محصولي كبير. فبالنظر إلى أن النباتات تمتص معظم مغذياتها في شكل ينحل في الماء، فإن تحويل المغذيات وتدويرها – من خلال عمليات قد تكون بيولوجية أو كيميائية أو فيزيائية – أمر ضروري. ويلزم نقل المغذيات إلى جذور النباتات من خلال ماء يتدفق بحرية. ولذا فإن بنية التربة هي مكوِّن رئيسي آخر من مكونات التربة الصحية لأنها تحدد قدرة التربة على حفظ المياه فيها وتحدد مدى عمق تجذّر النباتات. وعمق تجذُّر النباتات قد تقيده معوقات فيزيائية، من قبيل ارتفاع منسوب المياه الجوفية، أو وجود طبقة سفلية من الصخور الصلبة أو طبقات أخرى لا يمكن أن ينفذ منها الماء، وقد تقيده أيضاً مشاكل كيميائية من قبيل حموضة التربة أو ملوحتها أو تمعدنها الشفاف أو وجود مواد سامة فيها.
ووجود نقص في أي من المغذيات الخمسة عشر اللازمة لنمو النبات يمكن أن يحد من غلة المحاصيل. ولتحقيق الإنتاجية الأعلى اللازمة لتلبية الطلب على الأغذية في الحاضر والمستقبل، من الضروري كفالة توافر تلك المغذيات في التربة واستخدام كمية متوازنة من المغذيات، المستمدة من مصادر عضوية ومن أسمدة معدنية، إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وتوافر المغذيات الدقيقة في الوقت المناسب في الأسمدة ”المقواة“ هو مصدر محتمل لتحسين تغذية المحاصيل عند حدوث أوجه نقص. ويمكن أيضاً إضافة النتروجين إلى التربة بإدماج المحاصيل البقولية والأشجار التي تثبِّت النتروجين ضمن نظم زرع المحاصيل وبالنظر إلى أن الأشجار وبعض النباتات البقلية التي تحسِّن التربة تكون لها جذور عميقة فإن تلك الأشجار والنباتات لديها القدرة على أن تضخ إلى أعلى من التربة التحتية المغذيات التي لم تكن لتصل إلى المحاصيل بغير ذلك. ويمكن تحسين تغذية المحاصيل باتحادات بيولوجية أخرى، منها مثلاً الاتحادات بين جذور المحاصيل وفطر جذرية التربة، مما يساعد الكاسافا على الحصول على الفوسفور في أصناف التربة المستنفدة، وحيثما تفشل عمليات النظم الإيكولوجية هذه في الإمداد بالمغذيات الكافية لتحقيق غلات عالية، سيتوقف الإنتاج المكثف على الاستخدام الحكيم والكفؤ للأسمدة المعدنية. ويشكّل مزيج من عمليات النظم الإيكولوجية والاستخدام الحكيم للأسمدة المعدنية أساس نظام إدارة مستدامة لصحة التربة قادر على إنتاج غلات أعلى مع استخدام مدخلات خارجية أقل.
ليس من المرجح أن تعالج أي تكنولوجيا منفردة المعوقات المحددة المتعلقة بصحة التربة وخصوبة التربة السائدة في مواقع مختلفة. ومع ذلك، فإن المبادئ الأساسية للإدارة الجيدة لصحة التربة، المبينة أعلاه، قد طبِّقت بنجاح في طائفة واسعة من الإيكولوجيات الزراعية وفي ظل أوضاع اجتماعية – اقتصادية متنوعة. واستناداً إلى مبادئ إدارة صحة التربة، حددت بحوث أُجريت في أقاليم مختلفة من العالم بعض التكنولوجيات من قبل ” منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ” “وتصف الأمثلة التالية نظم إدارة المحاصيل التي تنطوي على إمكانية عالية للتكثيف والإنتاج المستدام. وهي تتصدى لمشاكل محددة بشأن خصوبة التربة في مناطق زراعية – إيكولوجية مختلفة وطبقها مزارعون على نطاق واسع. وهي يمكن أن تكون بمثابة نماذج للشركاء القطريين في ما يتعلق باستنباط سياسات تشجع المزارعين على تطبيق هذه التكنولوجيات كجزء من التكثيف المستدام وهي :
• زيادة المادة العضوية الموجودة في التربة في أمريكا اللاتينية .
• التثبيت الحيوي للنتروجين لإغناء التربة الفقيرة بالنتروجين في السافانا الأفريقية.
• الزراعة الدائمة الاخضرار في منطقة الساحل الأفريقية.
• وضع أسمدة اليوريا على عمق” من أجل الأرز في بنغلاديش.
• إدارة المغذيات المحددة الموقع في الإنتاج المكثف للأرز.
الجهود الدولية المبذولة في حماية التربة
إن الإجراءات السابقة يلزم اتخاذها لتحسين الممارسات الحالية لرعاية الأراضي وتوفر أساساً سليماً للنجاح في تطبيق التكثيف المستدام للإنتاج المحصولي. وتقع على عاتق الشركاء القطريين المسؤولية عن التنفيذ، بمساعدة من منظمة الأغذية والزراعة وغيرها من الوكالات الدولية.
وضع لوائح وطنية للرعاية السليمة للأراضي. ينبغي أن يهدف إطار سياساتي داعم إلى تشجيع المزارعين على تطبيق نظم زراعية مستدامة تستند إلى التربة الصحية. وتلزم قيادة لتحديد ورصد أفضل الممارسات، بمشاركة نشطة من جانب المزارعين ذوي الحيازات الصغيرة ومجتمعاتهم المحلية. ويجب أن تكون الحكومات على استعداد لوضع لوائح بشأن الممارسات الزراعية التي تسبب تدهور التربة أو تشكل تهديدات خطيرة بالنسبة للبيئة.
ميثاق التربة العالمي والرصد الدولي لصحة التربة:
أقر مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة الذي انعقد في شهر تشرين الثاني عام 1981 ميثاق التربة العالمي WSC وحدد المبادئ العامة للاستعمال الأمثل للموارد الأرضية بهدف صيانتها والحفاظ على إنتاجيتها للأجيال القادمة، كما رسم حدود المسؤوليات الملقاة على عاتق الأفراد المالكين والحكومات في العالم، عبر السياسات التي تتضمن وضع البرامج الفنية والخطط الاقتصادية والاجتماعية والتنموية لهذا الاستعمال، درءاً لتدهور التربة وتدني إنتاجيتها كماً ونوعاً، كما رسم المؤتمر الأطر الدولية والحكومية والمؤسساتية لهذا الميثاق، وأكد ضرورة التعاون الوثيق والتكامل بين فعاليات المنظمات الدولية المختلفة (FAO , UNDP, UNEP , UNESCO , WHO , WMO) عبر برامجها وفعالياتها المختلفة من أجل المحافظة على مورد التربة كإرث عالمي يعتمد عليه في استمرار الحياة على ظهر كوكب الأرض، بما يؤمنه من الغذاء والماء والرفاه لسكانه الذين لا يلبثون في تصاعد مستمر في الكثير من بقاع العالم، كما أوصى الميثاق الجهات الوصائية وأصحاب القرار ومستعملي الموارد الأرضية في أرجاء الأرض كلها باتباع أساليب الاستعمال الرشيد وإدارة الأرض المستدامة SLM لهذه الموارد من أجل صالح البشرية جمعاء. هذا وقد اشتمل على ثلاثة عشر مبدأ ومنطلقاً عاماً، وعلى القواعد العامة لأداء الحكومات والمنظمات الدولية المعنية، ووضع الخطوات التنفيذية وأساليب التنفيذ والمتابعة من إجراء البحوث والتحريات والتقييم والتخطيط والمسح والإدارة والاستعمال والصيانة للموارد الأرضية ومتابعة هذه الأعمال كلها
ومنذ عام 1981 م وإلى هذا العام 2011 لم تهدأ الجهود الدولية وفي مقدمتها منظمة الأغذية والزراعة مع جهود واضعو السياسات و المؤسسات الوطنية المسؤولة عن البيئة إلى طرق وأدوات للتحقق من أثر الممارسات الزراعية على التربة. ومع أن رصد صحة التربة يمثل مهمة صعبة إلى حد كبير، يجري بذل جهود لتطبيقه على نطاق عالمي وإقليمي وقطري . ولقد تقدم كثيراً رصد أثر الإنتاج الزراعي في البلدان المتقدمة، ولكنه بدأ فحسب في كثير من البلدان النامية. وقد أعدت منظمة الأغذية والزراعة وشركاؤها قائمة طرق وأدوات لإجراء التقييمات والقيام بمهام الرصد. وينبغي تمييز المؤشرات الأساسية لجودة الأراضي التي تتطلب إعداداً فورياً وتلك التي تتطلب إعداداً أطول أجلاً. والمؤشرات ذات الأولوية هي :
• محتوى التربة من المادة العضوية.
• توازن المغذيات.
• فجوة الغلة.
• كثافة إستخدام الأراضي وتنوعها.
• الغطاء النباتي للأراضي.
أما المؤشرات التي ما زالت بحاجة إلى إعداد فهي:
• نوعية التربة.
• تدهور الأراضي.
• التنوع البيولوجي الزراعي.
إدارة صحة التربة
تتسم إدارة صحة التربة بكثافة المعارف وسيتطلب تطبيقها على نطاق واسع من خلال عدة أمور يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
• بناء القدرات من خلال برامج التدريب الموجهة إلى العاملين والمزارعين في مجال الإرشاد.
• الإرتقاء بمستوى مهارات الباحثين على كل من الصعيد القطري والصعيد الدولي.
• توفير المعارف المحسّنة الضرورية لدعم الإدارة المحسنة للتربة في إطار التكثيف المستدام للإنتاج المحصولي.
• تشكيل مجموعات دعم من أجل التعاون في إجراء البحوث
• تقديم الدعم التقني والتدريب أثناء العمل بمؤسسات البحوث القطرية وتترجم نتائج البحوث إلى خطوط توجيهية عملية من أجل صغار المزارعين.
• تعزيز القدرة الوطنية على إجراء البحوث في المزرعة، وتركيزها على معالجة التقلب المكاني والزمني .
• تحسين إستخدام نمذجة النظم البيئية.
• نشر المعلومات والإبلاغ بالمنافع
و في الختام يمكن القول بأن أي تطبيق لإدارة صحة التربة على نطاق كبير يتطلب أن تتاح على نطاق واسع دورات وأنشطة تثقيفية ومعلومات داعمة، لا سيما من خلال القنوات المألوفة بالنسبة للمزارعين وللعاملين في مجال الإرشاد. وبالنظر إلى الأولوية العالية جدا المعطاة لصحة التربة في التكثيف المستدام للإنتاج المحصولي، ينبغي ألا تشمل منافذ الإعلام الصحف والبرامج الإذاعية القطرية فحسب، بل أيضاً تكنولوجيات إعلام واتصال حديثة، من قبيل الهواتف الخلوية والإنترنت، التي يمكن أن تكون أكثر فعالية بكثير في توعية المزارعين الأصغر سناً.
———————————————————————————————————-
المراجع :
- بحوث عن خصوبة التربة الزراعية والزراعة العضوية – الدكتور مجد جرعتلي
- تقارير ودراسات دورية صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة 1981 -2011.