أين الوطن العربي من الإستثمار في الطاقة الخضراء ؟

sx

أين الوطن العربي من الإستثمار في الطاقة الخضراء ؟

 

الدكتور مجد جرعتلي

قد لا يكون مستغربا أن يزداد الاستثمار العالمي في الطاقة الخضراء وخاصة في الطاقة الشمسية وأن يسجل مستوى قياسيا العام الفائت ,ولكن المستغرب أن هذه الإستثمارات تقع خارج وطننا العربي بلاد الرياح والشمس الساطعة ؟؟؟

لقد ذكر تقرير اصدرته وحدة ابحاث بلومبرج نيو انرجي فاينانس يوم أمس  الخميس ان الإستثمار العالمي في الطاقة النظيفة سجل مستوى قياسيا مرتفعا بلغ 260 مليار دولار في 2011 بزيادة قدرها 5 بالمئة عن العام السابق مع صعود الاستثمارات في الطاقة الشمسية بأكثر من الثلث على الرغم من تقلص هوامش الارباح؟

وأضاف التقرير الذي ان الولايات المتحدة استعادت العام الماضي لقبها كأول بلد في العالم من حيث الاستثمارات في الطاقة النظيفة متفوقة على الصين وذلك للمرة الاولى منذ 2008 وشكلت الطاقة الشمسية المحرك الاساسي لنمو الطاقة النظيفة في العالم مع صعود الاستثمارات فيها بنسبة 36 بالمئة الي 136.6 مليار دولار وتراجعت الاستثمارات في توليد الطاقة من الرياح 17 بالمئة الي 9 ر74 مليار دولار
وقال التقرير ان الاستثمارات في الطاقة النظيفة في اوروبا زادت بنسبة 3 بالمئة العام الماضي الي حوالي 100 مليار دولار في حين قفزت في الهند بنسبة 52 بالئمة الي 10.3 مليار دولار وفي البرازيل بنسبة 15 بالمئة الي 8.2 مليار دولار
وكذلك وفقا للخطة الصينية المتوسطة والبعيدة المدى لتنمية الطاقة المتجددة الصادرة سنة 2007، تهدف الصين زيادة نسبة الطاقة المتجددة من استهلاكها للطاقة إلى 15% في نهاية سنة 2020، بحيث يكون 4% تحتل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة البيولوجية من هذه الزيادة

أما دولة ألمانيا فقد أكدت جمعية فراونهوفر العلمية الألمانية إمكانية التحول الكامل إلى مصادر الطاقة المتجددة في ألمانيا بحلول عام 2050، وتعتزم الجمعية زيادة استثماراتها في أبحاث مصادر الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة بدءا من قطاع الطاقة الشمسية وحتى العزل الخارجي للمباني والذي يهدف لمنع تسرب البرد إلى داخلها
وأكد بولينجر أن التحول الذي يشهده قطاع الطاقة في الوقت الحالي والتوجه السياسي نحو التخلي عن الطاقة النووية يدفعان شركات الطاقة بقوة لتعزيز استثماراتها في الطاقات المتجددة
ويتوقع علماء على مستوى أوروبا أن يوفر قطاع الطاقات المتجددة نحو 400 ألف فرصة عمل إضافية وأن تبلغ تكلفة هذا التحول المرجو في قطاع الطاقة نحو عشرين مليار يورو سنويا حتى عام 2015 أي ما يعادل نحو 8% من إجمالي نفقات الطاقة في ألمانيا

إستثمار الطاقة الخضراء في الوطن العربي

يعتبر الإستثمار في الطاقة الخضراء في الوطن العربي خجولا مع العلم بأن المنطقة العربية تحظى بموارد طاقة متجددة ضخمة رصدها تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية افد لسنة 2011 والذي أكد ان لدى المنطقة العربية قدرة كهرمائية مركبة تبلغ نحو 10,7 ميغاواط وتوجد محطات كهرمائية كبيرة في مصر والعراق ومحطات مختلفة الإستطاعات  في كل من الجزائر والأردن ولبنان وموريتانيا والمغرب والسودان وسورية وتونس
كما أن العديد من الدول العربية مؤهلة للإستفادة من طاقة الرياح حيث يبلغ معدل سرعة رياح مقداره 8 ـ 11 مترا بالثانية في خليج السويس في مصر و5 ـ 7 امتار بالثانية في الاردن ما يجعل هذين الموقعين مناسبين لتوليد الكهرباء من الرياح وكذلك  في مواقع عديدة في المغرب وسورية وبعض الدول العربية الأخرى ..

أما بالنسبة للإستفادة من الطاقة الشمسية فهو أمر بديهي حيث يقع جزء كبير من المنطقة العربية ضمن ما يسمى حزام الشمس الذي يستفيد من معظم اشعة الشمس الكثيفة الطاقة على الكرة الارضية من حيث الحرارة والضوء على السواء وتتراوح مصادر الطاقة الشمسية في البلدان العربية بين 1460 و3000 كيلوواط ساعة في المتر المربع في السنة .
وحاليا يوجد أكبر برنامج فوتوفولطي عربي في المملكة المغربية حيث تم تركيب 160 الف نظام طاقة شمسية منزلي في نحو 8 في المئة من البيوت الريفية بقدرة اجمالية تصل الى 16 ميغاواط وتطورت تطبيقات الضخ الفوتوفولطي نسبيا في تونس حيث بلغ اجمالي القدرة الذروية 255 كيلوواط وتحقق سخانات المياه الشمسية درجات مختلفة من الاختراق السوقي وهي حاليا اكثر نجاحا في القطاعين السكني والتجاري في مصر والاردن وسورية ولبنان والمغرب وفلسطين والجدير ذكره ان سخانات المياه الشمسية هي اكثر استعمالا في البلدان العربية.
كما لدى بلدان الخليج العربي وشمال افريقيا امتدادات واسعة من المناطق الصحراوية التي يسطع فيها ضوء الشمس وحتى هذه اللحظة تكاد قدرة الطاقة الشمسية المركبة لا تذكر اذ هناك اقل من 3 ميغاواط من الطاقة الفوتوفولطية في السعودية وقدرة مركبة تبلغ 10 ميغاواط في الامارات
ولكن تبقى هذه الأرقام خجولة ولا تذكر جانب الإمكانيات العملاقة من الطاقة الخضراء المتجددة ويبقى الإستثمار في هذا المجال الهام  في دولنا العربية دول الشمس الساطعة والرياح خجولا أيضا  أو شبه معدوم في بعضها , بل أن العديد منها بدأ يتسابق إلى الإعتماد على الطاقة النووية وأعلن عن رغبته بإقامة محطات للطاقة النووية في بلاده  وبعض الدول العربية قد تعاقدت فعلا على إقامة هذه المحطات النووية ؟؟؟
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف لدول الضباب والشمس الغائمة أن تزيد من إستثماراتها في الطاقة الخضراء  الآمنة وكيف لدولنا العربية المشمسة دوما أن تتغاضى عن ما وهبها الله لها من الثروات المتجددة وتبحث عن الطاقة النووية الخطيرة ؟؟؟