معاهدة كيوتو الدولية لحماية المناخ في مهب الريح؟
- 14 December , 2011 -
- دراسات وبحوث بيئية
معاهدة كيوتو الدولية لحماية المناخ في مهب الريح ؟
الدكتور مجد جرعتلي
يوم أمس إنسحبت كندا أما الصين والولايات المتحدة الأمريكية لم توقعا بالأصل على المعاهدة وروسيا واليابان تعلنان بأنهما لن يوقعا على تمديد المعاهدة فهل غدت معاهدة كيوتو الدولية لحماية المناخ حبرا على ورق ؟ وهل ستبقى معاهدة كيوتو الحل الدولي الوحيد للتغير المناخي ؟
صرح وزير البيئة الكندي ” بيتر كينت ” للصحفيين في اوتاوا : “كما قلنا، معاهدة كيوتو بالنسبة لكندا هي أمر من الماضي إننا نستخدم حقنا القانوني للإنسحاب رسميا من معاهدة كيوتو”. وجاء إعلان كينت بعد محادثات ماراثونية حول المناخ اختتمت منذ أيام في مدينة ديربان الساحلية في جنوب أفريقيا. وبذلك تكون كندا، وهي من كبار منتجي الطاقة في العالم، أول دولة تعلن انسحابها من بروتوكول كيوتو.
ولقد برر وزير البيئة الكندي قرار بلاده بأن : “بروتوكول كيوتو لا يشمل الدولتين صاحبتي أكبر قدر من الانبعاثات، وهما الصين والولايات المتحدة الأمريكية ، ولذلك فهو غير فعال. ولقد أصبح واضحا الآن أن ” معاهدة كيوتو ” ليست الطريق الصحيح بالنسبة لحل دولي للتغير المناخي بل يمثل عقبة”.
ولكن هل إنسحاب كندا هو الخسارة الوحيدة لتلك المعاهدة ؟ لقد أدى انسحاب كندا من المعاهدة إلى توجيه صفعة أخرى إلى بروتوكول كيوتو الذي ضعف بالفعل وينتهي سريانه في كانون أول/ ديسمبر 2012. إلى جانب تلويح كل من كندا وروسيا واليابان بأنها لن توقعا على تمديد هذه المعاهدة. وقال الخبراء إن كندا، بانسحابها قبل نهاية العام، سوف تتفادى توقيع عقوبات عليها لعدم الوفاء بتعهداتها الملزمة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة.
كما أضاف وزير البيئة الكندي ” كينت ” : إن تلبية أهداف بروتوكول كيوتو لعام 2012 سيعادل إما منع سير كافة السيارات وعربات الإسعاف والشرطة والمركبات من كافة الأنواع على الطرق الكندية أو إغلاق القطاع الزراعي بالكامل وقطع التدفئة عن جميع المنازل والمكاتب والمستشفيات والمصانع والمباني في كندا”. وأكد كينت في نفس الوقت أن كندا تحرز الان “تقدما هائلا” نحو خفض غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 17 في المئة بحلول عام 2020 مقارنة بمستويات عام 2005 وهو هدف طوعي وقعت عليه عقب قيام الولايات المتحدة بالاعلان عن التزام مماثل. وقال إن كندا ترغب في رؤية اتفاق جديد يتضمن تعهدات ملزمة قانونا بالنسبة لكبريات الدول المسؤولة عن الانبعاثات.
ولقد تقبلت كافة الدول قرار كندا هذا بإنتقادات حادة بل بدأت الإنتقادات من داخل كندا نفسها فقد إتهمت أحزاب المعارضة الكندية الوزير البيئي بإشاعة روح الخوف بين صفوف الشعب.. أما على المستوى الدولي فقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ” ليو ويمين ” في لقاء صحفي بقوله : “من المؤسف والمناقض لجهود المجتمع الدولي أن تنسحب كندا من بروتوكول كيوتو في وقت أحرز فيه اجتماع دوربان تقدما مهما بضمان مرحلة ثانية من الالتزام بالبروتوكول، معربا عن أمله أن تضطلع كندا بمسؤولياتها وواجباتها وتواصل التقيد بالتزاماتها وتتبنى نهجا ايجابيا وبناء نحو المشاركة في التعاون الدولي للاستجابة للتغير المناخي. كما اعتبرت الحكومة الألمانية على لسان وزير البيئة الألماني أن القرار الكندي لم يكن مفاجئا، ولقد طالب حزب الخضر الألماني باتخاذ اجراءات ضد هذا القرار. كما دعا خبير حزب الأخضر في شؤون الطاقة ” هانز جوزيف فيل ” إلى مقاطعة إمدادات النفط الكندية التي تشكل الحقول التي يستخرج منها ضررا كبيرا بالبيئة. ومن جانب آخر وصف وزير البيئة الياباني ” جوشي هوسونو ” القرار الكندي بالمؤسف وحث كندا على الاستمرار في الاتفاقية قائلا أن إطار كيوتو يشمل “عناصر مهمة” يمكن أن تساعد في مكافحة التغير المناخي. وقال أيضا مسؤول هندي إن قرار كندا يمكن أن يهدد بفقد أي مكاسب تحققت في اجتماع دوربان. أما ” منظمة السلام الأخضر ” الناشطة في مجال حماية البيئة فوصفت القرار الكندي بـ “إهانة سياسية للمجتمع الدولي”.
وسيبقى الجدل قائما بين دول العالم وبين الموقعين على معاهدة كيوتو وبين الموقعين فيما بينهم بين مؤيد ومعارض وستبقى معالجة مشكلة التغير المناخي في مهب الريح ؟؟