أشجار البن العربي ” القهوة العربية ” بين حافتي الإهمال والإنقراض
- 21 November , 2012 -
- دراسات وبحوث زراعية
أشجار البن العربي ” القهوة العربية ” بين حافتي الإهمال والإنقراض ؟؟؟
الدكتور مجد جرعتلي – دكتور في العلوم الزراعية – إختصاصي تقانة حيوية .
موقع مكتب دراسات خضراء : http://green-studies.com/
البريد الإلكتروني : info@green-studies.com
للأسف الشديد لم تستفد أغلب الدول العربية من تطبيقات وفوائد علوم ( التقانة الحيويةBiotechnology ) ولم تعطيها مكانتها الحقيقية في حل العديد من المشاكل المستعصية التي تتعرض لها كل من ثرواتها الزراعية الإقتصادية وغطاؤها النباتي البري ذو الطابع الإقتصادي أو ذو الطابع البيئي ذات الموطن الأصلي لتلك الدول وكذلك لم تستفيد من العلوم الزراعيه الحديثه في عمليات الإنتاج والإكثار والتربيه النباتيه … وها هي الأن أشجار البن أو القهوة العربية تتأرجح في خطر يحدق بها بين حافتي الإهمال والإنقراض , وهذا ما أكده باحثون في حديقة النباتات الملكية في بريطانيا بالتعاون مع علماء في إثيوبيا ؟؟؟ ومن خلال عملي المستمر منذ سنوات عديدة في الإكثار النسيجي للعديد من النباتات والأشجار ومنها نباتات البن ” القهوة العربية ” أود أن أشرح في موضوعي هذا وباختصار المشاكل الحالية و الخطيرة التي تعاني منها أشجار ” القهوة العربية ” مع اقتراحي لبرنامج يعتمد على ” التقانة الحيوية النباتية ” يهدف إلى إنقاذ هذه الثروة الزراعية التي لا تقدر بثمن .؟.
مقدمة :
تعتبر أصناف ” القهوة العربية ” من أفضل وأجود أنواع القهوة في العالم فهي أغلى ثمناً من كافة أصناف القهوة وفي مقدمتها البن البرازيلي والأفريقي .و تشكل ” القهوة العربية ” جزءا أساسيا من الصادرات الحيوية لإقتصاد بعضا من الدول العربية وباقي دول العالم التي تزرعها , والتي تمثل أكثر من 60% من إنتاج البن في العالم، حيث بلغ الإنتاج هذا العام 4.86 ملايين طن قدرت قيمتها بنحو 16 مليار دولار. بالإضافة إلى تأمينها للعمل لملايين من الناس الذين يزرعونه وينتجونه. ووفقاً للإحصائيات الحديثة فإن العالم يستهلك نحو ما يزيد عن ( 6 ) مليارات كيلو غرام من البن سنوياً تصل عائداتها إلى 12 مليار دولار سنوياً مقابل ( 6 ) مليارات دولار لعائدات الشاي.
أشجار البن ” القهوة العربية “:
شجرة البن العربي أو ” القهوة العربية ” تسمى بالإنكليزي Arabic Coffee والاسم العلمي لها هو Coffea arabica وتنتمي إلى العائلة Rubiaceae وهي من الأشجار المستديمة الخضرة والموطن الأصلي لها يعود إلى أفريقيا الاستوائية في أثيوبيا وفي الغالب أطلق الأوربيين إسم ( Coffee ) على القهوة من اسم مقاطعة ” كوفا أو كفا Kaffa ” الواقعة في جنوب الحبشة ، حيث كانت نباتاً برياً ينمو من تلقاء نفسه ، والاعتقاد الأخر حول أصل القهوة وبأنها عربية الأصل و أن اليمن هو أصل شجر البن وأنها كانت تصدر من اليمن من مدينة مُوكا أو ( المخا ) (Mucha) عبر ميناؤها المطل على البحر الأحمر والتي أسميت القهوة في كل بقاع العالم بها (موكا كافي ) ، ومن ثم انتقلت القهوة إلى الحبشة وإلى بلاد فارس . وتجزم الحقائق بأن اليمن بقيت مصدرا وحيدا للقهوة في العالم حتى غاية القرن السابع عشر ومن ثم انتشرت إلى باقي الأصقاع الواقعة في جنوب بلاد العرب ولمدة مائتي عام كانت الجزيرة العربية هي التي توفر القهوة للعالم , ولم تتوسع شهرة و استعمال القهوة بالعالم بسرعة ، بل انتشارها كان بطيئاً ، بحيث بقيت القهوة 500 سنة في الشرق الأوسط ، وفي سنة 1517 أدخل السلطان سليم الأول القهوة العربية الى القسطنطينية ” استانبول ” ، وبعدها بوقت قصير أدخل تجار البهارات القهوة العربية الى ايطاليا ، ومن ثم انتشرت بعدها في جميع أنحاء أوروبا خلال مائة عام 0
الواقع الحالي لزراعة القهوة العربية
يمثل البن العربي أكثر قليلا من 60% من إنتاج البن في العالم، حيث بلغ الإنتاج هذا العام 4.86 ملايين طن قدرت قيمتها بنحو 16 مليار دولار. كما أن صادرات البن حيوية لاقتصادات دول مثل البرازيل والسودان وإثيوبيا. وعلى مستوى الوطن العربي فإن ” القهوة العربية ” تنتشر زراعتها بشكل رئيسي وكمحصول إقتصادي في قطرين عربيين هما ( السودان واليمن ) و تعد القهوة العربية في اليمن محصولاً رئيسياً ومصدراً مهماً من مصادر الدخل القومي والذي يعود إلى عام ( 575م ) وقد بقي اليمن مصدر البن الوحيد في العالم حتى غاية القرن السابع عشر واستطاع المزارعون اكتساب خبرة واسعة في زراعته واصطفاء أصنافه المتميزة بجودتها وطعمها ونكهتها الخاصة والممتازة.
دراسة حول مستقبل زراعة القهوة أو البن العربي ؟.
للأسف الشديد لم تذكر أي دوله عربيه من مجموعة الدول الأولى في قائمة إنتاج البن بكافة أنواعه , وهنالك العديد من الدول الغربيه ومنها البرازيل والتي إبتدأت متأخره في زراعة وإنتاج البن ولكنها الآن في قائمة الدول المنتجه لهذا المحصول الإقتصادي الهام , ولقد لعب إنتاج البن دوراً هاماً في تطور البرازيل المستمرّ، وما زال يشكّل القوّة الرئيسيّة لاقتصاد البلد، وكان قد تمّ جلب البُنّ لأوّل مرة إلى البرازيل في أوائل القرن الثامن عشر على يد المستوطنين الفرنسيين، وسرعان ما أصبحت البرازيل أكبر منتج للبن في العالم منذ عام 1840م .
إن إكثار وزراعة أشجار القهوة العربية تتم بالطرق الشائعة المتبعة منذ أجيال وإلى الأن وبإحدى الطريقتين التاليتين وهما الإكثار الجنسي عن طريق زراعة البذور أو بالإكثار الخضري عن طريق زراعة العُقل , ولكل من هذه الطرقتين العديد من السلبيات التي تتفاقم وتظهر مع الإهمال و التغير المناخي العالمي وزيادة مقاومة الآفات والحشرات التي تصيب تلك الأشجار .وهذا ما تؤكده مجموعة من الدراسات الحديثة التي كشفت أن شجرة القهوة العربية أو البن العربي معرضة للانقراض خلال (70 ) عاما جراء ارتفاع درجة الحرارة بسبب التغيير المناخي، مما يمثل خطورة على الاستمرارية الوراثية لواحدة من أبرز السلع الأساسية في العالم.
ويقول الخبراء إن فقدان شجرة القهوة أو أصناف البن العربي البرية التي لها تنوع وراثي أكبر ستجعل من الصعب على المزارع مواجهة مخاطر طويلة المدى والتغلب عليها مثل الآفات والأمراض.
وأظهرت دراسة أجراها باحثون في حديقة النباتات الملكية في بريطانيا بالتعاون مع علماء في إثيوبيا، أن ما بين 38 و99.7% من المناطق الصالحة لشجرة البن العربي البرية المعروفة باسم ‘أرابيكا’، ستختفي بحلول العام 2080 إذا ثبتت صحة توقعات ارتفاع درجة حرارة الأرض.
ونظرا لأن البن محصول يتأثر بشدة بالمناخ، فإن الزيادة ولو كانت محدودة في متوسط درجات الحرارة بمناطق الزراعة، يمكن أن تعرض للخطر مستقبل البن العربي وحياة ملايين من الناس الذين يزرعونه وينتجونه.
واعتبر ” أرون ديفيز ” الذي يشرف على أبحاث البن في حديقة النباتات الملكية والذي قاد الدراسة، أن ‘انقراض البن العربي احتمال مقلق ومزعج بالفعل’.
واستخدم باحثون حسابات الكمبيوتر لتحليل أثر ارتفاع الحرارة على التوزيع الجغرافي لشجرة البن العربي البرية، لكن ديفيز قال إن التوقعات متحفظة بما أن هذه الحسابات لم تضع في اعتبارها عامل إزالة الغابات الذي يحدث بالفعل في إثيوبيا ودولة جنوب السودان، وهي منطقة أخرى بها شجرة البن العربي.
برنامج حماية و إكثار وتطوير البن العربي ” القهوة العربية “:
تعتبر هذه البحوث السابقة بمثابة إنذار حقيقي لنا لتنبيهنا عن الإسراع ومن الأن في البدء في حماية تلك الثروة الزراعية الهامة التي لا تقدر بثمن وحمايتها من التدهور والإنقراض ؟.
ومن خلال عملي منذ سنوات عديدة في الإكثار النسيجي للبن العربي ” القهوة العربية ” فإنني أقترح برنامجا متكاملا أشرح فيه وباختصار أهم الفقرات التي تهدف إلى إكثار وإنتاج وحماية أشجار ” القهوة العربية “ وذلك إعتمادا وانطلاقا من علوم ومختبرات التقانة الحيوية النباتية :
1- تحسين وتطوير الأنواع والأصناف المحلية المرغوبة من نباتات القهوة العربية.
إن تغير الظروف البيئية المحلية والعالمية وتغير مقاومة الحشرات والأمراض للمبيدات وعدم الرضا عن الإنتاجية المتواضعة للأصناف المحلية من أشجار القهوة العربية المحلية يدعونا إلى العمل من خلال الزراعة النسيجية على تحسين وتطوير تلك الأصناف النباتية وبالشكل الذي يؤمن إحتياجات السوق و يلائم التغيرات البيئية القاهرة وعلى سبيل المثال إستخدام الصنف الأكثر إنتشارا وهو (Coffee a Arabica) مع الأصناف الرئيسية المتداولة في العالم هي Coffeea Cenephora ) وCoffeea Librica و Coffee Deweverei ) والتي يمكن الإنطلاق منها في تحسينها وإكثارها وإنتاج العديد من الأصناف المحلية الجديدة.
2- إكثار الأصناف الشبة منقرضة و المنقرضة من الأصناف النباتية للبن – القهوة العربية :
هنالك العديد من الأصناف النباتية للقهوة العربية انقرضت والبعض منها أوشك على الإنقراض ولا يمكنها التكاثر بالشكل الطبيعي لمعاودة إنتشارها في الطبيعة من جديد , فيجب إكثارها نسيجيا للحصول على الأعداد الكبيرة و الكافية وإعادة استزراعها من جديد في موطنها الأصلي والإستفادة منها .
3- إنتاج الأصناف البرية من أشجار وشجيرات القهوة العربية ذات القيمة الوراثية الغنية.
يتضمن البرنامج في مختبرات زراعة الخلايا والأنسجة النباتية إنتاج الأنواع والأصناف الزراعية البرية من البن العربي والذي تتميز بغناها من المورثات الهامة والتي تعتبر بنوكا وراثية يستفاد منها في برامج الهندسة الوراثية النباتية لتطوير الأصناف .
4- حفظ الذخائر الوراثية لكافة أنواع وأصناف القهوة العربية بطرق ( الحفظ الوراثي الخليوي ).
تتعرض العديد من الأنواع والأصناف النباتية من (البن – القهوة العربية) في كل من الدول المنتجة لها وفي مقدمتهم كل من اليمن والسودان إلى خطر الزوال أو خطر الاختلاطات الوراثية التي تؤدي مع الزمن إلى تغيير هذه الأصناف إلى أصنافا مغايرة تماما والطرق التي تحفظ بها حاليا ( كأشجار أو بذور) غير مجدية علميا, لذلك كان من الواجب حمايتها وحفظها من الضياع أو التشتت , وأقترح لحفظها إستخدام طريقة الحفظ الخليوي النسيجي في مختبرات زراعة الخلايا والأنسجة النباتية وهذه الطريقة من الحفظ تعتبر أحدث وأفضل الطرق لحفظ تلك الثروات النباتية والتي لا تقدر بثمن. ومن أصناف البن اليمني التي أقترح حفظها هي : (المطري – الحمادي – اليافعي – العديني – الحيمي – الحرازي – الطيسي – العسائي – دوائري).
5- إنتاج الأصناف النباتية النادرة والصعبة التكاثر من أنواع وأصناف البن ” القهوة العربية “.
تعتبر طريقة الإكثار النسيجي المخبري من أفضل الحلول لإكثار الأصناف النباتية النادرة والصعبة التكاثر بطرقة التكاثر الشائعة لأنواع وأصناف عديدة من البن ” القهوة العربية ” وذلك بواسطة التكاثر النسيجي
6- إنتاج أصناف جديدة من القهوة العربية مقاومة للظروف البيئية القاهرة ( إرتفاع درجات الحرارة ).
أقترح في هذا البند الهام إستخدام علوم التقانة الحيوية النباتية لإنتاج أصنافا جديدة من ” القهوة العربية ” في مختبرات زراعة الخلايا والأنسجة النباتية وذلك بواسطة إحداث الطفرات الصناعية الموجهة وبرامج الهندسة الوراثية النباتية والتي تهدف إلى إنتاج أصناف جديدة ذات مواصفات خاصة فمنها ما هو متحمل لزيادة درجات الحرارة والظروف البيئية القاهرة ومنه ما له مناعة ضد الأمراض الفطرية والآفات والحشرات وخاصة ( مرض الصدأ ) ويمكن الإستفادة في ذلك من الصنف ( A.C.Jackson ) و منها ما هو عالي الإنتاجية مثل الصنف (A.C.kent ) بالإضافة إلى العديد من الأصناف النباتية الجديدة التي يمكن الإستفادة في ( التهجين الخليوي) مثل الأصناف ( A.C.Blue mountain و A.C.typica و A.C.mandonovo ) والتي سوف ينتج عنها أصنافا جديدة سوف يكون لها الصدارة في المستقبل القريب .
7- إنتاج أصناف ذات مواصفات عالمية و خالية من الأمراض.
يعاني مزارعي ومنتجي أشتال البن العربي ” القهوة العربية ” وأصحاب المشاتل الزراعية من عدم تصدير منتجاتهم من الأشتال المنتجة في مزارعهم ومشاتلهم إلى الدول الخارجية لأنها منتجة بطرق الإكثار العادي والغير نسيجي وهذا ما يؤدي إلى بقاء كميات هائلة من الأشتال دون الإستفادة منها و تسبب الخسائر الفادحة لهم, أما في الإنتاج النسيجي فإنه يمكن تصدير كافة الأشتال والغراس لأن الإنتاج المخبري هو إنتاج نظيف ومعقم وخالي من كافة الأمراض .
8- إعادة إحياء زراعة البن العربي من جديد في اليمن و الدول العربيه
يجب الإهتمام بإحياء زراعة البن العربي وتشجيع زراعتة ودعمه كزراعة محلية والتوسع في زراعته من جديد في اليمن والعديد من الدول العربية التي تمتلك الظروف البيئية المناسبة لهذا المحصول الحيوي الهام , وإيجاد خططاً لتحسين شروط الإنتاج ورفع مردوديته من الناحيتين الكمية والنوعية … ولقد أثبتت التجارب الحقلية عن صلاحية ونجاح زراعة البن العربي في العديد من الدول العربية وفي مقدمتها دولة السودان في منطقة النيل الأزرق وعلى الحدود الأثيوبيه وكذلك في هضبة بوما Boma في الجنوب الشرقي ومقاطعة إيكواتوريا Equatoria في الجنوب، ومقاطعة دارفور Darfour في الغرب. وكذلك في المملكه العربيه السعوديه في مناطق جبال جيزان وفي سلطنة عمان في جبال ظفار وخاصة منطقة قيرون حيرتي التي اثبتت التجارب بأنها تمثل بيئة مثالية لزراعة البن العربي .
وفي الختام ومما سبق يمكن القول بأن البرنامج الذي اقترحته والذي يعتمد على ” علوم التقانة الحيوية النباتية ” في ” مختبرات زراعة الخلايا والأنسجة النباتية “ يعتبر من أفضل الحلول وأسرعها والذي يهدف إلى حماية و إنتاج أشتال البن العربي ” القهوة العربية ” بالإضافة إلى تأمين احتياجاتنا من الأشتال النسيجية و بالعدد الكافي وبالمواصفات المتميزة في مقاومتها للظروف البيئية الصعبة من إرتفاع في درجات الحرارة ومقاومتها للآفات و الأمراض التي تفتك بها.
للمزيد من المعلومات عن دراسة وتنفيذ مشروع مختبر زراعة أنسجة لإنتاج أشتال ونباتات القهوة العربية
أو مشاريع زراعة القهوة ” البن العربي “
يرجى مراسلة موقع ” دراسات خضراء “
الدكتور مجد جرعتلي 00971526203888 موبايل و وتس آب