أهمية وفوائد إعتماد المشاريع التي تعتمد على التقانات الحيوية

g201

الدكتور مجد جرعتلي

مقدمة:
مع ارتفاع معدل النمو السكاني في الوطن العربي والذي يقرب من( 3%)  في السنة (وهو من أعلى معدلات الزيادة السكانية في العالم ) فمن المتوقع وصول عدد سكان الوطن العربي في  نهاية عام 2011 إلى مايزيد عن    ( 360 مليون نسمة ) والذي سوف يؤدي حتما إلى الزيادة الكبيرة على طلب كافة إحتياجات السكان ومنها المواد الغذائية والتي يستورد معظمها من خارج وطننا العربي والتي بلغت رقما خياليا وهو ما يزيد عن (50) مليار دولار سنويا وهذا مايؤدي بدوره إلى فقدان الأمن الغذائي وإرتهان العديد من قرارات الدول العربية  إلى دول غربية في سبيل تحقيق الغذاء إلى شعوبها . ولقد حذر الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية الدكتور احمد جويلي من ضعف حجم التجارة البينية بين الدول العربية والذي يقدر حاليا بنحو 8% فقط  الأمر الذي يعنى أن الدول العربية تستورد ( 92% ) من احتياجاتها من العالم الخارجي. وبالتالي فإنه لا بد من وضع استراتيجة شاملة تهدف إلى  إنقاص المعدلات الخيالية  للإستيراد الخارجي من الإحتياجات المختلفة ومنها السلع الغذائية  وتحقيق الأمن الغذائي وذلك بإعتماد  ومواكبة منجزات التطور العلمي التقني في الإنتاج وعلى رأسها المشاريع الإنتاجية التي تعتمد على أكثر العلوم فائدة وهي  التقانات الحيوية.

أهمية المشاريع التي تعتمد على التقانات الحيوية  للدول العربية :

تعتبر علوم التقانة الحيوية أرض شاسعة وخصبة  تضم عدة أنواع متخصصة من التقانات الحيوية والتي ترتكز عليها العديد من الشركات العامة أو الخاصة في الدول المتقدمة في أهم وأحدث مشاريعها الإنتاجية الخيالية الربح  وبكافة إختصاصاتها ( الطبية ، الزراعية ، الصناعية, والبيئية), ويجب العلم  بأن  التتطور العلمي المتسارع في كافة أنواع  الصناعات والزراعة المعتمدة على التقانة الحيوية في الدول المتقدمة سوف تنافس وبشكل مباشر أو غير مباشر كافة الصناعات والزراعة  دون إستثناء في دول وطننا العربي والتي ستغدو عاجزة عن اللحاق بمسيرة الصناعات الحيوية الحديثة.

ولقد طالبت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو” بتركيز اهتمامات التقانة الحيوية الحديثة منها والتقليدية على خدمة صغار المزارعين من خلال إعادة توجيه تطبيقاتها لدى الدول الفقيرة لنفعهم لا لفائدة المزارعين الأغنياء  وحدهم في الدول المتقدمة والثرية.

وقال الخبير موديبو تراوريه، المدير العام المساعد لدى منظمة “الفاو” إن “التقنيات الحيوية تتيح أدوات فعّالة لقطاع الزراعة، بما في ذلك الموارد السمكية والحراجية”، متحدثا أمام المؤتمر التقني الدولي للتقانات الحيوية الزراعية لدى البلدان النامية، الذي إنعقد في مدينة غوادالاهارا في المكسيك, حيث أضاف قائلاً “إن التكنولوجيا الحيوية إلى الآن لم تخلِّف أثراً ذا شأن في حياة السكان على امتداد أكثرية البلدان النامية”، معددا “نقص التقنيات الملائمة والمفيدة، وغياب السياسات والقدرات التقنية والبُنى التحتية الضرورية لتطوير هذه التكنولوجيا وتقييمها ونشرها في معظم البلدان النامية”.

وهذا ينطبق تماما على دولنا العربية التي هي في أشد الحاجة الماسة لإدخال وإعتماد مشاريع التقانة الحيوية والتي بوسعها أن تقدّم مساعدةً بالغة في مضاعفة الإنتاج الزراعي وإنتاج الأغذية وهذا ما أكدته  منظمة “الفاو”  بحلول العام 2050، وفي التصدّي لأوضاع عدم الثقة  الناجمة عن ظاهرة تغيُّر المناخ.

تعريف التقانة الحيوية Biotechnology :
هي التقنيات التي تستخدم الأحياء أو أجزاء منها أو مواد منها وذلك بهدف إنتاج أو تحوير منتج أو تحسين النباتات أو الحيوانات أو الكائنات الدقيقة لأهداف محددة مفيدة.

أنواع التقانات الحيوية وطرق الإستفادة منها في ” المشاريع الطبية والبيئية و الصناعية والزراعية ” :

يوجد عدة أنواع من التقانات الحيوية المختلفة في إختصاصاتها وفوائدها وفيما يلي نذكر أهم تلك التقانات الحيوية وبعضا من إنجازاتها الكثيرة و الهامة:

  • ·        التقانة الحيوية الحمراء (Red Biotechnology‏)

هي التقانة  الحيوية التي تتخصص في المجال الطبي البشري .

المشاريع التي تعتمد على التقانة الحيوية الحمراء (Red Biotechnology‏)

فيما يلي نذكر بعضا من أهم المشاريع و الإنجازات والإكتشافات الهامة التي تحققت بفضل التقانة الحيوية الحمراء:
1. إنتاج المضادات الحيوية ( Antibiotics) إنطلاقا من الكائنات الحية.
2. إنتاج اللقاحات الحيوية ( Vaccines vital ) من الكائنات الحية الممرضة.
3. إنتاج الأدوية الحيوية المنشأ مثل ( الانسولين ) وغيره..
4. العلاج الجيني ( (Gene Therapyوالذي يعني معالجة الأمراض الوراثية في البشر بإستخدام التقانة الحيوية في نقل وتعديل الجينات ..
5. إمكانية زرع أعضاء جديدة بإستخدام المحتوى الوراثي لخلية المريض نفسه بدلا من نقلها من عضو متبرع أو من إنسان ميت.
6. إكتشاف تحليل الحمض النووي (DNA) والذي يلعب دورا كبيرا في قضايا اثبات النسب أو القرابة وفي الطب الشرعي.
7. إكتشاف فحوصات الحمض النووي والتي تتم ما قبل الزواج لمعرفة إحتمال الإصابة بالأمراض وخاصة الأمراض الوراثية (( Genetic diseases وإحتمال إنتقالها في الأجيال القادمة.
8. استخدام الهندسة الوراثية لمعالجة الأمراض المستعصية.
9. إستخدام الهندسة الجينية ((Genetic engineering في عزل ( الطفرات) الضارة .
10. إنتاج أدوية خاصة إنطلاقا من المحتوى الجينى لفرد ما ((Genetic pharmacology.

  • ·         التقانة الحيوية الخضراء (Green Biotechnology‏)

هي التقانة  الحيوية التي تتخصص في المجال الزراعي.

المشاريع التي تعتمد على التقانة الحيوية الخضراء (Green Biotechnology‏)

 نذكر فيما يلي بعضا من المشاريع و الإنجازات الهامة التي تحققت بفضل التقانة الحيوية الخضراء وذلك من مخابرها وخاصة في مختبرات زراعة الخلايا والأنسجة النباتية ((cultivation of plant cells and tissues:

  • إنتاج كافة الأشتال النسيجية ( (Tissue Culture المنشأ ذات الفوائد المتعددة من ( فواكه , خضار , نباتات زينة ,أزهار قطف , نباتات برية , طبية ,عطرية..) ذات الإنتاجية العالية  وبمواصفات دولية تمكننا من تصديرها إلى كافة دول العالم.
  • إنتاج المحاصيل ذات القيمة الغذائية العالية ( (crops with high nutritional value في نسب ( الفيتامينات, البروتين ,السكر,الزيت..).
  • إنتاج نباتات مقاومة للحشرات والأمراض( (Resistance against insects and diseases التي تصيبها وبالتالي عدم إستخدام المبيدات السامة والضارة بالإنسان والبيئة.
  • إنتاج النباتات ذات الموطن الأصلي للدولة والمقاومة للظروف البيئية القاسية من ( إرتفاع في درجات الحرارة والجفاف وغيرها ..).
  • إنتاج محاصيل و نباتات ذات مواصفات خاصة( Special specifications Crops) تكون مصادر جديدة للمواد الخام اللازمة لصناعة ( البلاستيك والدهانات والألياف الصناعية والمواد اللاصقة والمنظفات) ذات المصدر العضوي وليس البترولي أو الكيميائي.
  • الزراعة النسيجية تؤدي إلى مضاعفة كميات المحاصيل الناتجة بواسطة علوم التقانة الحيوية وإختزال الوقت اللازم للإكثار والإنتاج بطرق الزراعة الشائعة وبالتالي المساعدة على القضاء على المجاعات وإرتفاع أسعار المواد الغذائية.
  • إنتاج المبيدات الحشرية الحيوية والعضوية( Organic &Bio pesticides) من مصادر طبيعية غير كيميائية لا تضر بالإنسان والبيئة وكافة أشكال الحياة.
  • إنتاج الأسمدة العضوية والحيوية ( Organic &Bio fertilizers)  من مصادر طبيعية غير كيميائية وغير ضارة بالإنسان والبيئة.
  • التقانة الحيوية البيضاء (White Biotechnology‏)

 هي التقانة الحيوية التي تتخصص في المجال الصناعي .

المشاريع التي تعتمد على التقانة الحيوية البيضاء (White Biotechnology‏)

تعتبر التقانة الحيوية البيضاء  من أكثر التقانات إستخداما و إنتشارا في دول العالم المتقدمة , ولقد أدخلت هذه التقانة  تعديلات جذرية  في العديد من الصناعات القديمة مثل صناعة  (النسيج والورق والبلاستيك وبعض الأدوية ) وأنتجت العديد من المنتجات التي كان لها الأثر الكبير في عالمنا  .

وفيما يلي نذكر بعضا من المشاريع و الإنجازات الهامة التي تحققت بفضل التقانة الحيوية البيضاء:

1- استخدام الكائنات الحية لإنتاج مواد كميائية بالطرق الحيوية بدلاً من الطرق الصناعية الملوثة.

2-التصنيع الدوائي الحيوي ( (Pharmaceutical للعديد من الأدوية ومنها إنتاج ( الفيتامينات).

3-إنتاج المواد الحيوية الخاصة بمعالجة الأنسجة والجلود .

4-إنتاج البلاستيك القابل للتحلل العضوي Plastic) (Biodegradation.

5-إنتاج مواد لاصقة من مصدر نباتي ومن المتوقع أن تشكل هذه المادة بديلاً للمواد اللاصقة ذات الأصل البترولي السام والملوث للبيئة.

6- إنتاج منظفات ذات أصل نباتي عضوي(( Organic cleaning products غير كيميائي وقد أثبتت هذه المنظفات كفاءة عالية في التنظيف.

7- إنتاج أنواع من (البوليميرات الحيوية) ( Bio polymer) المطورة الجديدة  والتي تدخل في صناعات النسيج والأقمشة والأثاث.

  • التقانة الحيوية الزرقاء: (Blue Biotechnology ‏)

هي التقانة الحيوية التي تتخصص في مجال المياه ( المحيطات , البحار, الأنهار, البحيرات.).

المشاريع التي تعتمد على التقانة الحيوية الزرقاء: (Blue Biotechnology ‏)

وفيما يلي نذكر بعضا من المشاريع و الإنجازات الهامة التي تحققت بفضل التقانة الحيوية الزرقاء:

1- دراسة المحتوى الحيوي من الكائنات الحية في ( المحيطات , البحار, الأنهار..).

2- دراسة تتطور الكائنات الحية البحرية في بيئاتها المختلفة.

3-إكثار العديد من الكائنات الحية المائية  وإطلاقها ومراقبتها في بيئاتها الجديدة  .

4- دراسة تأثير كافة أنواع التلوث الذي يلحق الأذى والضرر بالكائنات البحرية بكافة أنواعها.

5-إنتاج العديد من المواد ( العضوية والطبيعية ) التي تقوم بمكافحة التلوث المائي بأنواعه.

6- وضع الحلول والأليات الخاصة بعمليات الإستزراع المائي والبحري.

  • ·         التقانة الحيوية البيئية: (Environmental Biotechnology)

هي أحد أهم أنواع التقنيات الحيوية وهو التقنية التي  تهتم بتطبيقات التقنية الحيوية في المجالات البيئية وتعرف بإسم الموجة الرمادية أو الجيل الثالث للتقنية الحيوية (تتشارك في هذا الجيل مع التقنية الحيوية الصناعية) ولقد إعتمدت العديد من الدول المتقدمة في مشاريعها على التقانة الحيوية البيئية في تنفيذ مئات المشاريع الرابحة  في الوطن العربي والتي جنت منها مليارات الدولارات.

المشاريع التي تعتمد على التقانة الحيوية البيئية: (Environmental Biotechnology)

فيما يلي نذكر بعضا من المشاريع والإنجازات والتطبيقات الهامة التي تحققت بفضل التقانة الحيوية البيئية :

  • إنتاج المواد الفعالة باستخدام الكائنات الحية ( Bioremediation ) للتخلص من ملوثات التربة والمياه.
  • إنتاج المواد الفعالة التي تعالج الملوثات النفطية والكيميائية في التربة والمياه.
  • إنتاج المواد الفعالة التي تحد من ظاهرة التلوث بالمغذيات وحدوث ظاهرة التخثر على السطوح المائية (Eutrophication ) والتي تحدث غالباً نتيجة تلوث مياه الأنهار والبحيرات من زيادة تركيز مركبات النيتروجين والفوسفور التي يحملها لها الصرف الصحي والصناعي مما يؤدي إلى نمو الطحالب والنباتات العالقة بشكل كثيف .
  • إنتاج الوقود والغاز الحيوي ( Biofuel ) الذي ينتج عضويا لإنتاج طاقة نظيفة .
  • إنتاج  المواد المتلاشية حيوياً ( إنتاج مواد بلاستيكية ذات أصل عضوي وليس بترولي قابلة للتحلل الحيوي الذاتي بعد فترة زمنية محددة ).
  • إنتاج الكاشفات الحيوية ( Bioindicators ) من منشأ  حيوي عضوي.
  • إكتشاف الإختبارات الحيوية (Bioassays ) والتي تساعد في معرفة العديد من العمليات االحيوية.
  • إنتاج المواد الفعالة الحيوية التي تقوم على معالجة الفضلات بيولوجيا( Bio Waste treatment ) مثل معالجة النفايات ومياه الصرف الصحي دون أن يكون لها أي تأثير ضار على البيئة.

وفي الختام يمكن القول بأنه من الضروري على كافة الفعاليات المنتجة في القطاع الخاص والعام في كافة الدول العربية إدراج أنواع المشاريع التي تعتمد على كافة أنواع ” التقانات الحيوية “ في إستراتجياتها وسياساتها الإقتصادية وإعتماد نهجٍ مستَجد في إدارة البحوث والتطوير الزراعي من أجل تدعيم أهداف التطبيق الأوسع نطاقاً والأكثر ترشيداً للتنوّع الحيوي الزراعي وذلك  في خدمة التنمية الزراعية ودعم أهداف الأمن الغذائي , بالإضافة إلى تمكين الدعم المؤسسي، والاستثمار في رؤوس الأموال البشرية والمادية وفي بناء القدرات القُطرية للبُلدان. كما ينبغي عليها تصعيد مشاركة المزارعين والمؤسسات والمجتمعات المحلية سواء بسواء في إعتماد تلك التقانات , دون أن  ننسى الدور الهام الذي يلعبه المجتمع الدولي وبشكل  رئيسيّ في دعم البلدان النامية من خلال توطيد الشراكات وتهيئة إطار للتعاون والتمويل الدوليين، بغية توليد التقانات الحيوية الملائمة والتكيف لها وتبني تطبيقاتها التي تعتمد عليها كافة دول العالم المتقدم في مشاريعها المستقبلية القريبة والبعيدة المدى .